العشائرية... تقصي الرملاوي عن «مستقبله»

كتب رضا مفلح
كثيرة هي الأمراض والعاهات التي أصابت وتصيب مجتمعنا العربي ولازمته وتلازمه منذ وجد، تلك العلل أثنته عن اللحاق بركب الحضارة والتطور والارتقاء، لتبقيه أسير عادات بالية ومفاهيم بلا مفهوم، وميزان قائم على تحديد النسل وأصله وفصله في تولي المناصب والأعمال وحتى في أمور الزواج الى ما دونها من الأمور الاجتماعية والحياتية الأخرى، وهذا ما دفع ابن الوردي الى القول في وصيته: لا تقل أصلي وفصلي أبداً انما أصل الفتى ما قد حصل... إنما الورد من الشوك وما ينبت النرجس إلا من بصل».
إذا هي العشائرية والعائلية، هذا المرض الذي ينخر في جسد مجتمعنا المريض أصلاً بكثير من العلل والأوهام حتى شاخ وهو في صباه، وأصابه بشرخ عامودي قاتل لا وزن فيه لكفاءة أو علم أو دراية إذا لم يكن صاحبها ذا حسب ونسب، أو صاحب مال أو سلطان. فكم من كفاءات طمرت وعاشت على هامش مجتمع هو بحاجة لكفاءتها وعلمها لكن نسبه الخجول وعائلته المتواضعة حالتا دون قيامه بتولي منصب أو قيامه بمداواة ذلك المجتمع، فأتى المرض على الاثنين معاً وتغلب عليهما.
الشواهد كثيرة في عصرنا الحالي، وما وراثة الحاكم ان كان في دولة أو حزب أو حتى في جمعية الا خير دليل على ذلك، وهي كثيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: لم يجد الملك الحسين في الاردن أكفأ من ابنه الملك عبد الله، ولا القذافي من ابنه سيف الاسلام، ولا مبارك من جمال، وسواهم...
فالحسب والنسب هو السبيل الوحيد لتولي المناصب والوظائف في مجتمعنا العربي بعيداً عن الكفاءة والعلم، ولقد عانى الشهيد رفيق الحريري من هذا الامر في بداية مشواره السياسي، إذ لم تكن جذور عائلته ضاربة في السياسة والاعمال، ولا حتى في المناصب والوزارات، الا ان وضعه المالي وكرمه قد أغشى قلوب الكثير من الناس للبوح بما يخفونه في مكنونات صدورهم، وكما يقول الشاعر: «الفقر في الوطن غربة، والمال في الغربة وطن»...
هذه اللمحة الموجزة عن احدى علل مجتمعنا يقودنا الى الحديث عن منسق تيار المستقبل في المنية المحامي بسام الرملاوي كمثال أو كجزء من مشكلة هي أكبر وأعم من المنية ومنسقيتها ومستقبلها لتشمل المجتمع العربي بوجه عام.
فهذا المحامي الطموح، والذي يتحلى بعدة مواصفات ليست أقلها دماثة خلقه وعنفوانه بالاضافة الى علمه وكفاءته، سليل عائلة متواضعة أخذ عليها تدينها و«آدميتها» وقفت واعترضت مشواره السياسي ومستقبله عشائرية وعائلية بغيضة عمياء سدّت عليها منافذ السياسة من قبل ومنعته من الوصول الى «سعادة النائب» بعد ان بات ليلته ونصف نهار احد المرشحين على لائحة انتخابية ذهبية، والآن تسد في وجهه أيضاً منافذ الخدمة الاجتماعية والعمل المدني من خلال توليه منسقية تيار المستقبل في المنية، فتخلق له المشاكل وتضع له العصي في دواليب مسيرته الطموحة الآخذة في التقهقر والتراجع لما شهدته من «فيتو» عائلي لم يقبل ولن يقبل أن يكون سليل عائلة صغيرة الحجم كبيرة في المقام والمقدار في هذا المكان والزمان.
لقد ظن المحامي الرملاوي أو خيّل إليه، كما كثيرين، أن لبنان بعد العام 2005 ليس قبله، وأن ما كان مستحيلاً في ظل وصاية، أصبح الآن ممكناً، لم لا فأكثر من نصف لبنان نزل الى ساحة الحرية وطالب بالحرية والسيادة والاستقلال، وأطلق شعارات كثيرة ليس وحيدها الرجل المناسب في المكان المناسب، وليس آخرها لا للزعامات التقليدية... فقد ظن أن الوضع قد استقام، وان طموحه وحلمه في طريقه الى التحقيق، وقد فاته ان الوصاية المزعومة ما هي الا شماعة علق عليها البعض، وهم كثر، نزواتهم وعاداتهم وتقاليدهم ومصالحهم وخوفهم وتوددهم وسبيلهم للوصول الى مبتاغهم. والآن ومع وجود وصاية جديدة هي وصاية «المستقبل»، وتماشياً مع المثل القائل: «لكل عصر دولة ورجال» فقد تغيرت الأسماء والوجوه، فمنهم من بقي نفسه ولكن بولاء مختلف بوازع نعمة الآن كما كان وازعها الخوف في ما مضى من الايام، وتختلف هذه النعمة من عائلة الى أخرى، ومن شخص الى آخر، بعضها «كاش» وبعضها الآخر سلطة، وبعضها الآخر «نيابة»، ومنهم من يدفع من جيبه الخاص إيماناً بنهج التجديد ونهج الشهيد، يهب من تعبه وماله ورزقه ما قطعه «المستقبل»، ويدشن ويرعى ويدعم ويرمم ويداوي ويطبب ما قصّر «المستقبل» في القيام به بعد أن عوّد أتباعه على تقديم تلك المساعدات في المناسبات السعيدة وأيام «الحشر».
كما ظن المحامي الرملاوي وغيره كثر، أن الولاء السياسي سيطغى على الجدار العائلي والعشائري البغيض، وان أمراضاً في طريقها الى الشفاء، ولكنه نسي كالكثيرين ان العلاج الشافي المعافي لذلك المرض، ان وجد أو اكتشف فليس من مصلحة المسؤولين أن يتداووا به، لا بل انهم أمعنوا فيه بعد ان وعدنا أو أقله وعدنا أنفسنا بأنه في طريقه الى الزوال لا محالة، وخصوصاً في لبنان القدوة بين جيرانه العرب، وإذ بنا نفاجأ، ونرى بأن «المستقبل» رجع الى «الماضي» في اختيار «النواب» و«الازلام» و«المنسقين» و«الأمناء العامين، فلم يجد الرئيس سعد الحريري أفضل من ابن عمته لأمانة تيار المستقبل، ولم يجد أفضل من ابن هذا الزعيم أو ذاك النائب ليضمه الى لائحته، ولو كان دخيلاً على منطقته... ولم يبقَ من «المستقبل» الا الاسم، فلا دم جديد ضخ فيه، ولا جدار عائلي أو حاجز عائلي أزيل، ولا منطق شمولي تغير... إذا «رجعت حليمة...» رغم كل المحاولات والمناشدات والأماني والتمنيات ولكن كما يقول الشاعر: «لقد أسمعت لو ناديت حياً... ولكن لا حياة لمن تنادي».
العشائرية، كما الطائفية أو العنصرية أو الإثنية أو المذهبية هي عدوة للمجتمع والدول، وقاهرة التطور والانفتاح، إذا ما أصابت مجتمعاً ما فإنها ترديه صريعاً لاقتتال من هنا وانتحار من هنا. هذه العشائرية التي تتجلى بأبهى صورها في المنية هي السم الذي يعطى للعائلات الصغيرة ما يدفعها الى الانضمام أو الدوران في فلك عائلة كبيرة، وهي المناعة التي تعطى للعائلات الكبيرة، فيصبح كل فرد منها مشروع نائب أو مديراً أو حتى «منسق» بغض النظر عن أهليته وكفاءته وقدرته ومقدرته على القيام بأعباء وظيفته ومهامه، هذا لا يعني أن أبناء كبريات العائلات غير مؤهلين لذلك، ولكن يجب أن لا تكون الوظائف الكبرى حكراً عليهم.
ان ما تعاني منه المنية اليوم من شلل لمجتمعها المدني، وتدنِ في مستوى العديد من جمعياتها وروابطها، وتقاعس لبلديتها ونائبها عن الأداء أو القيام بالواجب المطلوب، بعيداً عن الأسباب والمسببات، فكم من جمعية لا يعرف أعضاؤها ما النظام الداخلي لجمعيتهم، وكم من رابطة لا يعرف أعضاؤها ما الرابط بينهم، وكم من مشروع في أدراج البلدية بانتظار الهبات والمساعدات، وكم من آمال علقت على نائب المنطقة في انتشالها من خريطة المناطق المهمشة والسير بها الى الامام من الاوتوستراد الى العديد من المشاريع الانمائية والتي لا تتحقق الا بثمرة جهود مشتركة بين البلدية والنائب لايصال مطالب منطقة كانت قد أدت قسطها للعلى فيما طُلب منها، ولكنها لم تبادَل بالمثل.
صبراً بسام الرملاوي، لقد شاءت الاقدار ان يلمع اسمك تحت سحابة العشائرية والعائلية التي أخفت ضوء الشمس عنك، وأخذتك الحماسة في الدفاع عن مبادئ لك وايمان لتصدق كل ما وعدت به وقيل لك، ولكن... «إن كانت للباطل جولة فللحق صولات وجولات».
بسام الرملاوي اكبر بكثير من هذه المناوشات التي تجري وتاخد اسم العشائرية
بسام الرملاوي صبرا على مخططات الغرف السوداء التي تحاك بين وطاويط الليل الذين يجتمعون بعد التاكد من خلود الجميع لنوم عميق لانهم اصغرمن ان يواجهوك في العلن
بسام الرملاوي صبرا على سكوتهم عن اشخاص من خارج عشائريتهم ومنطقتهم يعملون امام ناظريهم في المنسقية وهم يرحبون بهم بكل بشاشة الوجه
بسام الرملاوي صبرا لانهم لو عرفوك عن كثب لهالوا على نغسهم التراب خجلا من انسانيتك وطيب مجلسك
سر فعين الله ترعاك ... سر فعين الله تحميك
أن نختلق الأعذار و التبريرات بأن يدا بسام الرملاوي مكبلتان من بيروت فهذا ليس سبب مقنع...فمن يريد أن يعمل لمنطقته و لبلده لا ينتظر التعليمات من أحد!!!
أضف تعليقك